سورة المائدة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم...} الآية. يعني: ما أنعم الله على نبيِّه حين أتى اليهودَ هو وجماعة من أصحابه يستعينون بهم في دية، فتآمروا بينهم أن يطرحوا عليهم رحىً، فأعلمهم الله بذلك على لسان جبرائيل حتى خرجوا، ثمَّ أخبر عن نقض بني إسرائيل عهد الله، كما نقضت هذه الطَّبقة العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله حين همُّوا بالاغتيال به.


{ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل} على أن يعملوا بما في التَّوراة {وبعثنا} وأقمنا بذلك {منهم اثني عشر نقيباً} كفيلاً وضميناً ضمنوا عن قومهم الوفاء بالعهد {وقال الله} لهم: {إني معكم} بالعون والنُّصرة {لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم} أَيْ: وقَّرتموهم {وأقرضتم الله قرضاً حسناً} يريد: الصَّدقات للفقراء والمساكين {فمن كفر بعد ذلك} أَيْ: بعد هذا العهد والميثاق {فقد ضلَّ سواء السبيل} أخطأ قصد الطَّريق.
{فبما نقضهم} فبنقضهم {ميثاقهم} وهو أنَّهم كذَّبوا الرُّسل بعد موسى فقتلوا الأنبياء، وضيَّعوا كتاب الله {لعنَّاهم} أخرجناهم من رحمتنا {وجعلنا قلوبهم قاسية} يابسة عن الإِيمان {يحرفون الكلم} يغيِّرون كلام الله {عن مواضعه} من صفة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم في كتابهم وآية الرَّجم {ونسوا حظاً مما ذكروا به} وتركوا نصيباً ممَّا أمروا به في كتابهم من اتِّبَاع محمَّدٍ {ولا تزال} يا محمد {تطلع على خائنة} خيانة {منهم} مثل ما خانوك حين همُّوا بقتلك {إلاَّ قليلاً منهم} يعني: مَنْ أسلم {فاعفُ عنهم واصفح} منسوخٌ بآية السَّيف {إنَّ الله يحب المحسنين} المتجاوزين.
{ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم} كما أخذنا ميثاق اليهود {فنسوا حظاً ممَّا ذكروا به} فتركوا ما أُمروا به من الإِيمان بمحمَّد صلى الله عليه وسلم {فأغرينا بينهم} فألقينا بين اليهود والنصارى {العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون} وعيدٌ لهم، ثمَّ دعاهم إلى الإِيمان بمحمَّدٍ عليه السَّلام.


{يا أهل الكتاب} يعني: اليهود والنَّصارى {قد جاءكم رسولنا} محمَّد {يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب} تكتمون ممَّا في التَّوراة والإِنجيل، كآية الرَّجم، وصفة محمَّد عليه السَّلام {ويعفو عن كثير} يتجاوز عن كثير فلا يخبركم بكتمانه {قد جاءكم من الله نور} يعني: النبيَّ {وكتاب مبين} القرآن فيه بيانٌ لكلِّ ما تختلفون فيه.
{يهدي به الله} يعني: بالكتاب المبين {مَنِ اتبع رضوانه} اتَّبع ما رضيه الله من تصديق محمَّد عليه السَّلام {سُبُل السلام} طرق السَّلامة التي مَنْ سلكها سلم في دينه {ويخرجهم من الظُّلمات} الكفر {إلى النور} الإِيمان {بإذنه} بتوفيقه وإرادته {ويهديهم إلى صراط مستقيم} وهو الإِسلام.
{لقد كفر الذين قالوا إنَّ الله هو المسيح ابن مريم} يعني: الذين اتَّخذوه إِلهاً {قل فمن يملك من الله شيئاً} فمَنْ يقدر أن يدفع من عذاب الله شيئاً {إن أراد أن يهلك المسيح} أَيْ: يُعذِّبه، ولو كان إلهاً لقدر على دفع ذلك.
{وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه} أَمَّا اليهود فإنّهم قالوا: إنَّ الله من حِنَّتِهِ وعطفه علينا كالأب الشفيق، وأمَّا النَّصارى فإنَّهم تأوَّلوا قول عيسى: إذا صلَّيتم فقولوا: يا أبانا الذي في السَّماء تقدَّس اسمه، وأراد أنَّه في برِّه ورحمته بعباده الصالحين كالأب الرحيم. وقيل: أرادوا نحن أبناء رسل الله، وإنما قالوا هذا حين حذَّرهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عقوبة الله، فقال الله: {قل فلمَ يعذِّبكم بذنوبكم} أَيْ: فلمَ عذَّب مَنْ قبلكم بذنوبهم، كأصحاب السَّبت وغيرهم {بل أنتم بشرٌ ممَّن خلق} كسائر بني آدم {يغفر لمن يشاء} لَمنْ تاب من اليهودية {ويعذب من يشاء} مَنْ مات عليها، وقوله: {على فترة من الرسل} على انقطاع من الأنبياء {أن تقولوا} لئلا تقولوا {ما جاءنا من بشير ولا نذير} وقوله: {وجعلكم ملوكاً} أَيْ: جعل لكم الخدم والحشم، وهم أوَّل مَن ملك الخدم والحشم من بني آدم {وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين} من فلق البحر لكم، وإغراق عدوِّكم، والمنِّ والسَّلوى، وغير ذلك.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8